القاهرة، مصر (CNN)-- فيما أعلنت الحكومة الإسرائيلية الأربعاء مواصلة عملياتها العسكرية في قطاع غزة، شن وزراء الخارجية العرب، في اجتماعهم الطارئ بالقاهرة، هجوماً عنيفاً على الدولة العبرية، بسبب "العدوان" المستمر لليوم الخامس على التوالي، ضد الفلسطينيين في غزة، والذي أسفر عن سقوط ما يقرب من 400 قتيل ونحو 2000 جريح.
وقال وزير الخارجية السعودي، الأمير سعود الفيصل إن ما يحدث في غزة يدعو مجلس الجامعة العربية للقيام بإجراءات "تضع حداً للعدوان الإسرائيلي السافر،" وانتقد استمرار الخلاف بين الفصائل الفلسطينية التي دعاها إلى الاجتماع والتوصل لحكومة موحدة جديدة، محذراً من أن بقاء الانقسام "سيمنح إسرائيل الانتصار بعد الانتصار"، وذلك في كلمة ألقاها على هامش مشاركته باجتماع وزراء الخارجية العرب لمناقشة الوضع بغزة.
أما الأمين العام لجامعة الدول العربية، عمرو موسى، فقد تلا كلمة عالية النبرة، اتهم فيها إسرائيل بأنها "لا تفرق بين طفل أو شيخ وبين من تدعي أنهم يواجهونها"، مشدداً على ضرورة "عدم النسيان بأن المنطلق الأساسي لما يحدث هو الاحتلال في القدس والضفة وغزة، التي يحيطها الحصار، إن المشكلة هي "الاحتلال والحصار، والباقي نتائج ومآس ترتبت عليهما."
وتابع موسى: "إن ما يحدث يتعرض له أهل غزة جميعاً، وأي سياسة يتفق عليها يجب أن تأخذ بعين الاعتبار أن الأمر تجاوز حرباً بين إسرائيل ومنظمة.. القذائف تلتهم الحياة بغزة والمستوطنات تلتهم الأرض في الضفة، والمفاوضات كان يقصد منها التهام الوقت."
ولفت موسى إلى أن الجيش الإسرائيلي "يريد أن يثبت أنه جيش لا يقهر"، من خلال العمليات، غير أنه أضاف بأن ذلك "ذهب زمنه"، مضيفاً أن هذا الجيش كان يتراجع كلما واجه قتالاً أو مقاومة جدية، على غرار ما حدث في حرب عام 1973 مع سوريا ومصر.
وأعاد موسى بعض أسباب ما يحدث في غزة إلى المزايدات الحزبية في إسرائيل بسبب الانتخابات، معتبراً أن تل أبيب اختارت ضرب غزة لأنها تخشى مواجهة جدية مع سائر الجبهات.
وحض موسى الوزراء على اتخاذ "موقف عربي رصين"، مشيراً إلى أن الحياة الدولية مثل الحياة الفردية، يفرض فيها كل طرف احترامه، كما انتقد رد إسرائيل على مبادرة السلام المعروضة منذ ست سنوات، ملمحاً إلى وجود النظر فيها في حال استمرار الموقف السلبي من تل أبيب حيالها.
وانتقد الأمين العام لجامعة الدول العربية بشدة اتهامات الخيانة المتبادلة بين الأطراف العربية خلال الأزمة الراهنة، وقال: "آن الأوان أن نقلع عن ذلك لأننا في مركب فيه من الثقوب ما يكفي لإغراقه"، وندد بمن يستخدم "الدم الفلسطيني لأغراض سياسية" واعتبر أن ذلك الدم "ليس مستباحاً."
وحول الوضع الفلسطيني الداخلي، قال موسى إن وحدة الشعب الفلسطيني توازيها وحدة الأرض والحكومة، ورأى أن أي أمر آخر سيشكل "طعنه" للقضية الفلسطينية، وطالب القيادات الفلسطينية بـ"الترفع إلى مستوى الأحداث والتوحد"، والعودة إلى طاولة الحوار بالقاهرة.
وتوجه موسى إلى رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية، محمود عباس، بالقول: "أتوجه للرئيس أبومازن بالتحرك الفوري من أجل وقف العدوان، توجه إلى مجلس الأمن واطلب ذلك، وسنكون معك."
وذكّر موسى بتجربة معارك عام 2006 بين حزب الله وإسرائيل، وتأخير انعقاد مجلس الأمن لأسابيع، فقال: "عملنا يجب أن ينصب على الوقف الفوري لإطلاق النار، لذلك يجب دعوة مجلس الأمن لعدم الامتثال لضغوط هذه الدولة أو تلك، كما حدث في لبنان بانتظار أن تنفذ إسرائيل أهدافها، أو تعجز عنها."
وأضاف: "ماذا ينتظر مجلس الأمن، ما هو الرقم السحري من الضحايا الذي سيتحرك معه المجلس، أو يُسمح له بالتحرك"، وختم بالقول: "كل كلمة قلتها كانت مقصودة بذاتها، وليتدبر الكل أمرهم، فقد كاد الأمر أن يضيع."
وبعد كلمة موسى، رُفعت الجلسة العلنية، ليعقد بعد ذلك جلسات مغلقة متواصلة بمشاركة معظم وزراء الخارجية العرب.
تأتي مواقف موسى والفيصل بعد ساعات من اجتماع وزاري إسرائيلي، ضم رئيس الحكومة، إيهود أولمرت، ووزيرة الخارجية، تسيبي ليفني، ووزير الدفاع، إيهود باراك، تقرر خلالها مواصلة العمليات العسكرية ضد أهداف حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في قطاع غزة الأربعاء، رغم الاقتراح الفرنسي بفرض هدنة إنسانية لمدة 48 ساعة.
وقال الناطق باسم الحكومة، مارك ريجيف، إن القرار جاء على خلفية وجود "توافق دولي على ضرورة حصول سكان جنوبي إسرائيل على حل حقيقي طويل الأمد،" غير أنه أشار إلى أن تل أبيب ستواصل العمل مع المجتمع الدولي "لتلبية الحاجات الإنسانية للفلسطينيين،" في قطاع غزة.
وكان قطاع غزة قد استفاق الأربعاء على جولة جديدة من الغارات وعمليات القصف لليوم الخامس على التوالي، حيث ذكر ناطق باسم الجيش الإسرائيلي لشبكة CNN أن قصف ليل الأربعاء استهدف مكتب رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة، إسماعيل هنية، ومبنى وزارة الداخلية التابعة لتلك الحكومة.
وفي وقت قالت فيه حركة المقاومة الإسلامية "حماس" إنها لن تقبل ما تردد عن "هدنة" لمدة 48 ساعة، وأعلنت عن سقوط صواريخ في مناطق تبعد أكثر من 40 كيلومتراً عن القطاع للمرة الأولى، ذكر مندوب إسرائيل في الأمم المتحدة، أن غزة هي بين "الجبهات الأساسية" لما وصفه بـ"الحرب العالمية على الإرهاب،" مقارناً ما تقوم به بلاده بالحرب التي تشنها واشنطن على تنظيم القاعدة وحركة طالبان.
وقال الناطق إن الغارة على وزارة الداخلية تأتي بعد أخرى جرت الثلاثاء، واستهدفت مجمّعاً للوزارات في غزة، مضيفاً أن صواريخ غارات الأربعاء ضربت أيضاً ما زعم بأنه "شبكة أنفاق" كانت تصل بين غزة والأراضي المصرية.
وعلى الصعيد الإنساني، قالت كارين أبوزيد، المفوضة العامة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة بالأمم المتحدة "أونروا،" إن الوضع في غزة "مأساوي" رغم السماح لأكثر من 150 شاحنة تحمل مواد إغاثة إنسانية بالدخول إلى القطاع الثلاثاء.
وقالت أبوزيد: "لا يوجد وقود ومعاملة توليد الطاقة لا تعمل، لذلك لا يوجد كهرباء في القطاع،" كما شككت في صحة التصريحات الإسرائيلية حول تركيز القصف على عناصر "حماس" من خلال التأكيد بأن 20 إلى 25 في المائة من الإصابات التي تصل إلى غزة تبدو بين المدنيين.
ورفضت أبوزيد التحليلات التي تشير إلى أن الضربات ساعدت على تأليب سكان غزة ضد حركة "حماس" عبر الإشارة إلى أن أهالي القطاع "ما يزالون يحملون إسرائيل والولايات المتحدة المسؤولية."
وتأتي التطورات الأربعاء في وقت تتواصل فيه التقارير حول استعداد حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت، لبحث اقتراح يتضمن وقف إطلاق النار لمدة يومين، رغم أن الجيش الإسرائيلي كان قد فند تلك التقارير فور صدورها، معتبراً أنها "غير دقيقة." (التفاصيل)
وأشارت الرئاسة الفرنسية إلى أن وزيرة الخارجية الإسرائيلية، تسيبي ليفني، ستلتقي الرئيس نيكولا ساركوزي الخميس.
إلا أن حماس لم تعرب عن استعدادها لقبول هدنة من هذا النوع، وقال ممثلها في لبنان، أسامة حمدان، في حديث لـCNN: "ما من مجال لمناقشة هدنة لـ48 ساعة فقط، علينا التحدث عن وضع حد للهجوم الإسرائيلي على الفلسطينيين وفتح كل الحدود أمام الفلسطينيين من أجل الحصول على مساعدات، وبعدها يمكن التحدث في السياسة."
من جانبه، دعا الرئيس الأمريكي، جورج بوش، رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية، محمود عباس، ورئيس حكومته، سلام فياض، إلى البحث مع الجانب الإسرائيلي في سبل التوصل إلى "هدنة قابلة للاستمرار" الأمر الذي شكك خبراء في جدواه، باعتبار أن قطاع غزة خاضع لسيطرة "حماس."
ميدانياً، ذكرت كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لـ"حماس" في بيان الخميس، إنها "كسرت حاجز الـ40 كيومتر" وضربت بلدات إسرائيلية جديدة قائلة: "في تطور نوعي للمقاومة الفلسطينية، تمكنت كتائب القسام أن تُدِخل مدنا تحتلها دولة الاحتلال منذ عام 48، (في عملياتها) بعد أن استهدفتها بصواريخ من نوع غراد".
وأضافت الكتائب أنها: "وسعت دائرة الاستهداف" بعد أن قامت مساء الثلاثاء بضرب مدن ومستعمرات بئر السبع وكريات جات وكريات ملاخي واسدود واوفيكيم وعسقلان وسديروت بثمانية صواريخ غراد و14 صاروخ قسام.
يذكر أن حصيلة القتلى في حماس ارتفعت خلال الهجمات المستمرة إلى أكثر من 375 قتيلاً، فضلاً عن نحو 1700 جريح آخرين، وتقول مصادر طبية إن معظم قتلى الجانب الفلسطيني هم من عناصر حماس، وقد أطلقت الفصائل الفلسطينية بالمقابل، 250 صاروخاً، أسفرت عن مقتل أربعة أشخاص، بينهم جندي واحد.
مندوب إسرائيل في الأمم المتحدة
وصف سالاي ميريدور، ممثل إسرائيل في الأمم المتحدة، قطاع غزة بأنه أحد "الجبهات الأساسية للحرب العالمية على الإرهاب،" مقارناً ما تقوم به بلاده بالحرب التي تشنها واشنطن على تنظيم القاعدة وحركة طالبان الأفغانية.
وقال ميريدور، في حديث للصحفيين: "هذه ليست مشكلة منفصلة تخص إسرائيل وحدها، بل هي متصلة بمخاطر كبيرة تواجهها المجتمعات الغربية حالياً جراء الإرهاب، سواء أكان ذلك في مومباي أو العواصم الأوروبية أو بئر السبع في إسرائيل أو - لا سمح الله - في نيويورك."
واعتبر ميريدور أن الغارات الإسرائيلية هي "أعمال تندرج في إطار الدفاع عن النفس" رافضاً وصف الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، لها بأنها تتضمن استخداماً مفرطاً للقوة.
مظاهرات في واشنطن وطهران
وعلى صعيد الاحتجاجات المتواصلة حول العالم شهدت واشنطن مظاهرة كبيرة الأربعاء، حيث تجمع المئات أمام وزارة الخارجية، داعين إلى إنهاء دعم الولايات المتحدة للهجوم الإسرائيلي، وذلك قبل أن ينطلقوا في مسيرة نحو البيت الأبيض.
و في الختام لعن الله اسرائيل
:bt: